كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



ولقد عجبوا من الرسالة ذاتها، وعجبوا- بصفة خاصة- من أمر البعث الذي حدثهم عنه هذا المنذر أول ما حدثهم. فقضية البعث قاعدة أساسية في العقيدة الإسلامية. قاعدة تقوم عليها العقيدة ويقوم عليها التصور الكلي لمقتضيات هذه العقيدة. فالمسلم مطلوب منه أن يقوم على الحق ليدفع الباطل، وأن ينهض بالخير ليقضي على الشر، وأن يجعل نشاطه كله في الأرض عبادة لله، بالتوجه في هذا النشاط كله لله. ولابد من جزاء على العمل. وهذا الجزاء قد لا يتم في رحلة الأرض. فيؤجل للحساب الختامي بعد نهاية الرحلة كلها. فلابد إذن من عالم آخر، ولابد إذن من بعث للحساب في العالم الآخر.. وحين ينهار أساس الآخرة في النفس ينهار معه كل تصور لحقيقة هذه العقيدة وتكاليفها؛ ولا تستقيم هذه النفس على طريق الإسلام أبداً.
ولكن أولئك القوم لم ينظروا للمسألة من هذا الجانب أصلاً. إنما نظروا إليها من جانب آخر ساذج شديد السذاجة، بعيد كل البعد عن إدراك حقيقة الحياة والموت، وعن إدراك أي طرف من حقيقة قدرة الله. فقالوا {أإذا متنا وكنا تراباً ذلك رجع بعيد}!
والمسألة إذن في نظرهم هي مسألة استبعاد الحياة بعد الموت والبلى. وهي نظرة ساذجة كما أسلفنا، لأن معجزة الحياة التي حدثت مرة يمكن أن تحدث مرة أخرى. كما أن هذه المعجزة تقع أمامهم في كل لحظة، وتحيط بهم في جنبات الكون كله. وهذا هو الجانب الذي قادهم إليه القرآن في هذه السورة.
غير أننا قبل أن نمضي مع لمسات القرآن وآياته الكونية في معرض الحياة، نقف أمام لمسة البلى والدثور. التي تتمثل في حكاية قولهم والتعليق عليه:
{أإذا متنا وكنا تراباً...}.. وإذن فالناس يموتون. وإذن فهم يصيرون تراباً. وكل من يقرأ حكاية قول المشركين يلتفت مباشرة إلى ذات نفسه، وإلى غيره من الأحياء حوله. يلتفت ليتصور الموت والبلى والدثور. بل ليحس دبيب البلى في جسده وهو بعد حي فوق التراب! وما كالموت يهز قلب الحي، وليس كالبلى يمسه بالرجفة والارتعاش.
والتعقيب يعمق هذه اللمسة ويقوي وقعها؛ وهو يصور الأرض تأكل منهم شيئاً فشيئاً:
{قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ}..
لكأنما التعبير يجسم حركة الأرض ويحييها وهي تذيب أجسادهم المغيبة فيها، وتأكلها رويداً رويداً. ويصور أجسادهم وهي تتآكل باطراد وتبلى. ليقول: إن الله يعلم ما تأكله الأرض من أجسادهم، وهو مسجل في كتاب حفيظ؛ فهم لا يذهبون ضياعاً إذا ماتوا وكانوا تراباً. أما إعادة الحياة إلى هذا التراب، فقد حدثت من قبل، وهي تحدث من حولهم في عمليات الإحياء المتجددة التي لا تنتهي.
وهكذا تتوالى اللمسات التي تذيب القلوب وترققها، وتدعها حساسة متوفزة جيدة الاستقبال. وذلك قبل البدء في الهجوم على القضية ذاتها!
ثم يكشف عن حقيقة حالهم التي تنبعث منها تلك الاعتراضات الواهية. ذلك أنهم تركوا الحق الثابت، فمادت الأرض من تحتهم، ولم يعودوا يستقرون على شيء أبداً:
{بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج}.
وإنه لتعبير فريد مصور مشخص لحال من يفارقون الحق الثابت، فلا يقر لهم من بعده قرار..
إن الحق هو النقطة الثابتة التي يقف عليها من يؤمن بالحق فلا تتزعزع قدماه، ولا تضطرب خطاه، لأن الأرض ثابتة تحت قدميه لا تتزلزل ولا تخسف ولا تغوص. وكل ما حوله- عدا الحق الثابت- مضطرب مائج مزعزع مريج، لا ثبات له ولا استقرار، ولا صلابة له ولا احتمال. فمن تجاوز نقطة الحق الثابتة زلت قدماه في ذلك المضطرب المريج، وفقد الثبات والاستقرار، والطمأنينة والقرار.
فهو أبداً في أمر مريج لا يستقر على حال!
ومن يفارق الحق تتقاذفه الأهواء، وتتناوحه الهواجس، وتتخاطفه الهواتف، وتمزقه الحيرة، وتقلقه الشكوك. ويضطرب سعيه هنا وهناك، وتتأرجح مواقفه إلى اليمين وإلى الشمال. وهو لا يلوذ من حيرته بركن ركين، ولا بملجأ أمين.. فهو في أمر مريج..
إنه تعبير عجيب، يجسم خلجات القلوب، وكأنها حركة تتبعها العيون!
واستطراداً مع إيقاع الحق الثابت المستقر الراسي الشامخ- وفي الطريق إلى مناقشة اعتراضهم على حقيقة البعث- يعرض بعض مظاهر الحق في بناء الكون؛ فيوجه أنظارهم إلى السماء وإلى الأرض وإلى الرواسي، وإلى الماء النازل من السماء، وإلى النخل الباسقات، وإلى الجنات والنبات. في تعبير يتناسق مع صفة الحق الثابت الراسي.. الجميل..
{أفلم ينظروا إلى السمآء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج}..
إن هذه السماء صفحة من كتاب الكون تنطق بالحق الذي فارقوه. أفلم ينظروا إلى ما فيها من تشامخ وثبات واستقرار؟ وإلى ما فيها بعد ذلك من زينة وجمال وبراءة من الخلل والاضطراب! إن الثبات والكمال والجمال هي صفة السماء التي تتناسق مع السياق هنا. مع الحق وما فيه من ثبات وكمال وجمال. ومن ثم تجيء صفة البناء وصفة الزينة وصفة الخلو من الثقوب والفروج.
وكذلك الأرض صفحة من كتاب الكون القائم على الحق المستقر الأساس الجميل البهيج:
{والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج}..
فالامتداد في الأرض والرواسي الثابتات والبهجة في النبات.. تمثل كذلك صفة الاستقرار والثبات والجمال، التي وجه النظر إليها في السماء.
وعلى مشهد السماء المبنية المتطاولة الجميلة، والأرض الممدودة الراسية البهيجة يلمس قلوبهم، ويوجهها إلى جانب من حكمة الخلق، ومن عرض صفحات الكون:
{تبصرة وذكرى لكل عبد منيب}..
تبصرة تكشف الحجب، وتنير البصيرة، وتفتح القلوب، وتصل الأرواح بهذا الكون العجيب، وما وراءه من إبداع وحكمة وترتيب.. تبصرة ينتفع بها كل عبد منيب، يرجع إلى ربه من قريب.
وهذه هي الوصلة بين القلب البشري وإيقاعات هذا الكون الهائل الجميل. هذه هي الوصلة التي تجعل للنظر في كتاب الكون، والتعرف إليه أثراً في القلب البشري، وقيمة في الحياة البشرية. هذه هي الوصلة التي يقيمها القرآن بين المعرفة والعلم وبين الإنسان الذي يعرف ويعلم. وهي التي تهملها مناهج البحث التي يسمونها علمية في هذا الزمان. فتقطع ما وصل الله من وشيجة بين الناس والكون الذي يعيشون فيه. فالناس قطعة من هذا الكون لا تصح حياتهم ولا تستقيم إلا حين تنبض قلوبهم على نبض هذا الكون؛ وإلا حين تقوم الصلة وثيقة بين قلوبهم وإيقاعات هذا الكون الكبير. وكل معرفة بنجم من النجوم، أو فلك من الأفلاك، أو خاصة من خواص النبات والحيوان، أو خواص الكون كله على وجه الإجمال وما فيه من عوالم حية وجامدة إذا كانت هنالك عوالم جامدة أو شيء واحد جامد في هذا الوجود!- كل معرفة علمية يجب أن تستحيل في الحال إلى إيقاع في القلب البشري، وإلى ألفة مؤنسة بهذا الكون، وإلى تعارف يوثق أواصر الصداقة بين الناس والأشياء والأحياء.
وإلى شعور بالوحدة التي تنتهي إلى خالق هذا الكون وما فيه ومن فيه.. وكل معرفة أو علم أو بحث يقف دون هذه الغاية الحية الموجهة المؤثرة في حياة البشر، هي معرفة ناقصة، أو علم زائف، أو بحث عقيم!
إن هذا الكون هو كتاب الحق المفتوح، الذي يقرأ بكل لغة، ويدرك بكل وسيلة؛ ويستطيع أن يطالعه الساذج ساكن الخيمة والكوخ، والمتحضر ساكن العمائر والقصور. كل يطالعه بقدر إدراكه واستعداده، فيجد فيه زاداً من الحق، حين يطالعه بشعور التطلع إلى الحق. وهو قائم مفتوح في كل آن: {تبصرة وذكرى لكل عبد منيب}.. ولكن العلم الحديث يطمس هذه التبصرة أو يقطع تلك الوشيجة بين القلب البشري والكون الناطق المبين. لأنه في رؤوس مطموسة رانت عليها خرافة المنهج العلمي. المنهج الذي يقطع ما بين الكون والخلائق التي تعيش فيه!
والمنهج الإيماني لا ينقص شيئاً من ثمار المنهج العلمي في إدراك الحقائق المفردة. ولكنه يزيد عليه ربط هذه الحقائق المفردة بعضها ببعض، وردها إلى الحقائق الكبرى، ووصل القلب البشري بها، أي وصله بنواميس الكون وحقائق الوجود، وتحويل هذه النواميس والحقائق إلى إيقاعات مؤثرة في مشاعر الناس وحياتهم؛ لا معلومات جامدة جافة متحيزة في الأذهان لا تفضي لها بشيء من سرها الجميل! والمنهج الإيماني هو الذي يجب أن تكون له الكرة في مجال البحوث والدراسات ليربط الحقائق العلمية التي يهتدي إليها بهذا الرباط الوثيق..
وبعد هذه اللفتة يمضي في عرض صفحات الحق في كتاب الكون- في طريقه إلى قضية الإحياء والبعث:
{ونزلنا من السمآء مآء مباركاً فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقاً للعباد وأحيينا به بلدة ميتاً كذلك الخروج}..
والماء النازل من السماء آية تحيي موات القلوب قبل أن تحيي موات الأرض. ومشهده ذو أثر خاص في القلب لا شك فيه. وليس الأطفال وحدهم هم الذين يفرحون بالمطر ويطيرون له خفافاً. فقلوب الكبار الحساسين تستروح هذا المشهد وتصفق له كقلوب الأطفال الأبرياء، القريبي العهد بالفطرة!
ويصف الماء هنا بالبركة، ويجعله في يد الله سبباً لإنبات جنات الفاكهة وحب الحصيد- وهو النبات المحصود- ومما ينبته به النخل. ويصفها بالسموق والجمال: {والنخل باسقات لها طلع نضيد}.. وزيادة هذا الوصف للطلع مقصودة لإبراز جمال الطلع المنضد في النخل الباسق.
وذلك تمشياً مع جو الحق وظلاله. الحق السامق الجميل.
ويلمس القلوب وهو يمتن عليها بالماء والجنات والحب والنخل والطلع: {رزقاً للعباد}.. رزقاً يسوق الله سببه، ويتولى نبته، ويطلع ثمره، للعباد، وهو المولى، وهم لا يقدرون ولا يشكرون!
وهنا ينتهي بموكب الكون كله إلى الهدف الأخير:
{وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج}..
فهي عملية دائمة التكرار فيما حولهم، مألوفة لهم؛ ولكنهم لا ينتبهون إليها ولا يلحظونها قبل الاعتراض والتعجيب.. كذلك الخروج.. على هذه الوتيرة، وبهذه السهولة.. الآن يقولها وقد حشد لها من الإيقاعات الكونية على القلب البشري ذلك الحشد الطويل الجميل المؤثر الموحي لكل قلب منيب.. وكذلك يعالج القلوب خالق القلوب..
ثم يعقب بعرض صفحات من كتاب التاريخ البشري بعد عرض تلك الصفحات من كتاب الكون، تنطق بمآل المكذبين الذين ماروا كما يماري هؤلاء المشركون في قضية البعث، وكذبوا كما يكذبون بالرسل، فحق عليهم وعيد الله الذي لا مفر منه ولا محيد:
{كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة وقوم تُبَّع كلٌ كذب الرسل فحق وعيد أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد}..
والرس: البئر: المطوية غير المبنية. والأيكة: الشجر الملتف الكثيف. وأصحاب الأيكة هم- في الغالب- قوم شعيب. أما أصحاب الرس فلا بيان عنهم غير هذه الإشارة. وكذلك قوم تبع. وتبع لقب لملوك حمير باليمن. وبقية الأقوام المشار إليهم هنا معروفون لقارئ القرآن.
وواضح أن الغرض من هذه الإشارة السريعة ليس تفصيل أمر هذه الأقوام. ولكنه إيقاع على القلوب بمصارع الغابرين. حين كذبوا الرسل. والذي يلفت النظر هو النص على أن كلاً منهم كذب الرسل: {كل كذب الرسل فحق وعيد}. وهي لفتة مقصودة لتقرير وحدة العقيدة ووحدة الرسالة. فكل من كذب برسول فقد كذب بالرسل أجمعين؛ لأنه كذب بالرسالة الواحدة التي جاء بها الرسل أجمعون. والرسل إخوة وأمة واحدة وشجرة ضاربة الجذور في أعماق الزمان، وكل فرع من تلك الشجرة تلخيص لخصائصها، وصورة منها. ومن يمس منها فرعاً فقد مس الأصل وسائر الفروع.. {فحق وعيد} ونالهم ما يعرف السامعون!
وفي ظل هذه المصارع يعود إلى القضية التي بها يكذبون. قضية البعث من جديد. فيسأل: {أفعيينا بالخلق الأول}.. والخلق شاهد حاضر فلا حاجة إلى جواب! {بل هم في لبس من خلق جديد}.. غير ناظرين إلى شهادة الخلق الأول الموجود! فماذا يستحق من يكذب وأمامه ذلك الشاهد المشهود؟!
{ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.
{وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد..}
{ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد.
وجآءت كل نفس معها سآئق وشهيد لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطآءك فبصرك اليوم حديد وقال قرينه هذا ما لدي عتيد ألقيا في جهنم كل كفار عنيد منّاع للخير معتد مريب الذي جعل مع الله إلهاً آخر فألقياه في العذاب الشديد قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد قال لا تختصموا لدي وقت قدمت إليكم بالوعيد ما يبدل القول لديَّ وما أنا بظلام للعبيد يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد}..
وهذا هو المقطع الثاني في السورة: استطراد مع قضية البعث، التي عالجها الشوط الأول؛ وعلاج للقلوب المكذبة بلمسات جديدة، ولكنها رهيبة مخيفة. إنها تلك الرقابة التي تحدثنا عنها في تقديم السورة. ومشاهدها التي تمثلها وتشخصها. ثم مشهد الموت وسكراته. ثم مشهد الحساب وعرض السجلات. ثم مشهد جهنم فاغرة فاها تتلمظ كلما ألقي فيها وقودها البشري تقول: {هل من مزيد}. وإلى جواره مشهد الجنة والنعيم والتكريم.
إنها رحلة واحدة تبدأ من الميلاد، وتمر بالموت، وتنتهي بالبعث والحساب. رحلة واحدة متصلة بلا توقف؛ ترسم للقلب البشري طريقه الوحيد الذي لا فكاك عنه ولا محيد؛ وهو من أول الطريق إلى آخره في قبضة الله لا يتملص ولا يتفلت، وتحت رقابته التي لا تفتر ولا تغفل. وإنها لرحلة رهيبة تملأ الحس روعة ورهبة. وكيف بإنسان في قبضة الجبار، المطلع على ذات الصدور؟ وكيف بإنسان طالبه هو الواحد الديان، الذي لا ينسى ولا يغفل ولا ينام!
إنه ليرجف ويضطرب ويفقد توازنه وتماسكه، حين يشعر أن السلطان في الأرض يتتبعه بجواسيسه وعيونه، ويراقبه في حركته وسكونه. وسلطان الأرض مهما تكن عيونه لا يراقب إلا الحركة الظاهرة. وهو يحتمي منه إذا آوى إلى داره، وإذا أغلق عليه بابه، أو إذا أغلق فمه! أما قبضة الجبار فهي مسلطة عليه أينما حل وأينما سار. وأما رقابة الله فهي مسلطة على الضمائر والأسرار.. فكيف؟ كيف بهذا الإنسان في هذه القبضة وتحت هذه الرقابة؟!